كأس العرب
الكرة الأوروبية

بنزيما: عبقرية أمام ألغام الماضي الفرنسي

في دبي الهادئة، أطلق كريم بنزيما تصريحًا بدا عفويًا ولكنه يحوي صدى صراع داخلي مع الماضي الفرنسي. النجم الذي يقود اتحاد جدة السعودي، الفائز بالكرة الذهبية عام 2022، قال ببساطة: “إذا اتصلوا بي، سأحضر”. العبارة قد تبدو سطحية، لكنها تحمل خليطًا من الشغف الكبير بالكرة والغرور الذي لا يخفيه تاريخ من الخلافات مع المنتخب الفرنسي.

هذا التصريح ليس مجرد استعداد بدني؛ بل هو تحدٍ علني ومحاولة لإعادة صياغة قصة لم تنتهِ، رغم أن التاريخ يبدو رافضًا للعودة. بين حبه العميق لكرة القدم وطموحه الذي لا يرضخ، يقف بنزيما على حافة مقامرة إعلامية يدفع السؤال العام نحو الأمام: هل هي خطوة نحو المصالحة أم مجرد لعبة كبرياء قد تكون مكلفة؟

مغامرة كاذبة أم غطرسة مفرطة؟

تصريح بنزيما يبدو في البداية تعبيرًا عن حبه للعبة واستعداده لتقديم أفضل ما لديه. لكن مع التمعن يتضح أن هذه الظهور الإعلامي أقرب إلى مقامرة محفوفة بالمخاطر، فاستعادة لاعب يفوق عن 30 عامًا إلى المنتخب ليست أمرًا بسيطًا. يضع الكرة في ملعب الاتحاد الفرنسي والجهاز الفني، محاولًا أن يُقدِّم نفسه كخيارٍ لا يُرفض، وربما يحمِّل الإدارة المقبلة مسؤولية الرفض.

وفي هذه المناورة يظهر جانب من ذكاء بنزيما الإعلامي، فهو يدرك تأثير تصريحاته على الرأي العام ويستفيد من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها. عبارة “من يستطيع رفض كأس العالم؟” ليست مجرد تعبير عن الشغف، بل محاولة لإعادة نفسه إلى دائرة الضوء وخلق ضغط يجعل القرار أقرب إلى المطالبة. الكرة الأوروبية.

مع ذلك، هذا النهج يفتقر إلى التواضع، فالعودة إلى المنتخب تحتاج إلى أكثر من تصريحات علنية. كان من الأفضل التواصل مباشرة مع الجهاز الفني وربما تقديم توضيح أو اعتذار قبل الإعلان عن الاستعداد للمشاركة. تجاوز هذه الخطوة عبر الصحافة يجعل من الأمر مجرد إثارة جدل وترويجًا ذاتيًا، وهو ما قد يُعتبر تصرفًا متغطرسًا إلى حد ما. كما تشير مصادر اعلامية إلى تعقيدات المسألة في إدارة الملف داخل الفريق.

ذاكرة ديشامب

لا يمكن الحديث عن عودة بنزيما دون خلطه بعلاقة ديشامب، المدير الفني للمنتخب الفرنسي. الخلاف بينهما ليس مجرد مشادة عابرة، بل تراكم لسوء فهم وتوترات استمرت سنوات، بما فيها اتهامات بالعنصرية عام 2016 وتصريحات علنية حول أسلوب الإدارة. مصادر اعلامية.

ديشامب، المدرب البراجماتي والهادئ، لا يتأثر بالضغوط الإعلامية أو الجماهيرية. نجاحاته مبنية على العمل الجماعي والثقة المتبادلة، وهو يعلم أن أي محاولة لإعادة لاعب شكك في نزاهته ستكون صعبة. بنزيما، مهما بلغت موهبته، يواجه واقع قيادة لا ترضخ لضغوط خارجية وتملك القدرة على اتخاذ قرارات تتجاوز الجاذبية الإعلامية.

الموهبة وحدها لا تكفي

من الناحية الرياضية، قد يمثل انضمام بنزيما إلى كأس العالم 2026 خيارًا مثيرًا على الورق، إذ يظهر محافظًا على لياقته ومهاراته، وقد تكون عودته مع منتخب فرنسي قوي بمثابة إضافة مهمة بجانب نجوم كبار مثل ميسي ورونالدو ومودريتش. الكرة الأوروبية.

إلا أن المنتخب ليس مجرد مجموعة من الأفراد، فالتوازن بين الكيمياء بين اللاعبين والاستقرار النفسي والفني يشكل الأساس. تجربة 2021 مع بنزيما كانت درسًا واضحًا؛ عودته قبل أمم أوروبا أجاد فيها تسجيل أربعة أهداف، ولكنه أزعج استقرار الفريق، بينما انسحابه قبل كأس العالم 2022 أفسح للمجموعة مساحة للوصول إلى النهائي دون توترات إضافية. عودة بنزيما قبل مونديال 2026 قد تحمل مخاطر على الدينامية التي أنشأها الجهاز الفني، وتبقى رهانات غير محسوبة على وعد غير مؤكد.

الماضي لا يمكن محوه بسهولة، خصوصًا من دون ترتيب وتوضيح مسبق. العودة المفاجئة وإيحاءاتها الإعلامية قد تبدو كأفضلية شخصية على المصلحة العامة، وهو أمر يصعب تجاهله في فريق يقال إنه يعيد تشكيله جيلًا جديدًا من اللاعبين. إذا ظل ديشامب على موقفه، فربما يحضر بنزيما كأس العالم 2026 من بعيد، وهذه المرة ستكون المسؤولية على نفسه بشكل رئيسي. المثل القاسي للمتابعين يقول: الموهبة وحدها لا تكفي دائمًا، وأن اللعب بالنار في التصريحات قد يحرق أجنحة أسطورة كبيرة.

في النهاية، يظل بنزيما حالة فريدة تجمع عبقرية كرة القدم وعبء الماضي. ربما هي محاولة لإعادة تعريف ذاته، لكن الدرس الأوضح هو التوازن بين الطموح الشخصي والمصلحة العامة، بين الكبرياء والتواضع، وبين عبقرية اللاعب وواقع فريق يسعى للاستقرار والتجديد. تاغات: فرنسا، بنزيما، كرة القدم العالمية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى